سلسلة الكُتَل Blockchain هي تكنولوجيا قاعدة بيانات موزعة وليست مركزية، تُستخدَم لتخزين أي نوع من البيانات، ومنها بيانات المعاملات المالية، وتوفِّرُ مستوى عالٍ من الأمان والثقة، ولذا فإنها تعتبر عنصراً مهما في البنية التحتية للتطبيقات الرقمية.
ولتوضيح هذا التعريف، فها هنا سرد للخطوات السبع التي تبين كيف تعمل تكنولوجيا سلسلة الكُتَل:
- الطلب: شخص يطلب معاملة.
- الإرسال: تُرسَل المعاملة المطلوبة إلى شبكة من الحواسيب المرتبطة ببعضها عبر بروتوكول النِّد للنِّد.
- التأكيد: الحواسيب المرتبطة ببعضها تؤكد المعاملة، وحالة صاحب الطلب باستخدام خوارزميات معينة.
- السِّجِل: المعاملة المؤكدة تخزن في سِجلٍّ، ويمكن أن تكون عملة مشفرة، أو رموزاً رقمية، أو أي معلومات أخرى.
- كتلة جديدة: بعد التأكيد، تضاف المعاملة إلى معاملات أخرى لتكوِّن كتلة جديدة من البيانات للسِّجِل.
- الإضافة إلى كتل قائمة: تضاف الكتلة الجديدة إلى سلسلة الكُتَل القائمة، بطريقة دائمة غير قابلة للتعديل أو الحذف.
- الإنجاز: آخر خطوة هو إنجاز المعاملة.
استثمارات سلسلة الكُتَل
بلغ الاستثمار العالمي في تكنولوجيا سلسلة الكتل عام 2019 حوالي 4.5 مليار دولار، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الاستثمار أكثر من أربع مرات ليصل إلى حوالي 19 مليار دولا بحلول عام 2024، وذلك حسب تقرير حديث نشر في مايو 2021 عبر موقع www.statista.com
فرص سلسلة الكُتَل
المستقبل واعد، والغد زاهر لتكنولوجيا سلسلة الكُتَل، وهناك العديد من المجالات التي ستفتح الفرص أمام هذا النوع من التكنولوجيا، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر: إدارة السجلات، إدارة الأصول، الأنظمة الضريبية، تعزيز أنظمة الأمان والخصوصية لأجهزة الجوالات، الإعلانات التسويقية، الخدمات العقارية، وغيرها. وذلك وفقاً لبحث نشره موقع www.blockchain.ieee.org في شهر يونيو 2019
تحديات سلسلة الكُتَل
أوضح استطلاع نشر عام 2020 عبر موقع www.apqc.org حيث كان الهدف من هذا الاستطلاع معرفة أهم التحديات التي تقف في طريق تكنولوجيا سلسلة الكُتَل، وكانت نتيجة هذا الاستطلاع أن هناك خمسة تحديات لسلسلة الكُتَل وهي:
- عدم التبني
تكنولوجيا سلسلة الكُتَل تتطلب تبنياً واسعاً لها من كافة الأطراف لتعمل بفعالية. فمثلاً في تطبيقات سلسلة الإمداد، فإن طرفَي المعادلة من موردين ومستوردين تتطلب أن يتبنَّوا تطبيقات سلسلة الإمداد المعتمِدة على تكنولوجيا سلسلة الكُتَل لتعمل بكفاءة عالية. وقد أوضحت تلك الدراسة أن نسبة هذا التحدي وصلت إلى 60% من إجمالي من شاركوا فيها، وهي النسبة الأعلى، وهو ما يعطي مؤشراً واضحاً أن عدم التبني لتكنولوجيا الكتل من بعض الأطراف، يعتبر أكبر تحدي لسلسلة الكُتَل.
- فجوة المهارات
وهذا التحدي الثاني الذي بلغت نسبته 49% ممن شاركوا في هذه الدراسة، فالطلب على المتخصصين في تكنولوجيا سلسلة الكُتَل مرتفع جداً، خصوصاً مع تزايد الحاجة إليهم في سوق العمل، وقد قدّرت بعض الدراسات أن الطلب عام 2019 زاد بنسبة 500%، وللتغلب على هذا التحدي، ظهر مزودو تقديم خدمات سلسلة الكُتَل Baas Blockchain As A Service، حيث يقدم هؤلاء المزودون خدمات سلسلة الكُتَل دون الحاجة إلى الاستثمار في متخصصي سلسلة الكُتَل. ومن المهم أن نوضح هنا، أنه يوجد نوعان من المنصات الرقمية التي تقدم خدمات سلسلة الكُتَل، وهذان النوعان هما:
- المنصات العامة لسلسلة الكتل
هذا النوع يسمح لأي شخص بالدخول إلى المنصة، وتنفيذ أي معاملة، ولا توجد علاقة ثقة بين مستخدمي هذا النوع من المنصات، قبل انضمامهم إلى هذه المنصة. وتعتبر العملتان المشفرتان بيتكوين، وإثيريوم مثالاً واضحاً لهذا النوع من المنصات، فهما تستخدمان المنصات العامة لسلسلة الكتل في تنفيذ المعاملات المالية لهما.
- المنصات الخاصة لسلسلة الكتل
وهذا النوع يعتمد على الحصول على ترخيص أو سماح للمستخدمين لها، وعليه فإن السجلات المشفرة لا تكون مرئية إلا للمستخدمين المعتمدين فقط.
ومن هنا يتضح أن الفرق الرئيس بين المنصات العامة والخاصة لسلسة الكتل، هو آلية التحقق من المستخدمين والمصادقة عليهم. فهي غير متوفرة في العامة، ومتوفرة في الخاصة.
- ثقة المستخدمين
يعد الافتقار إلى الثقة بين مستخدمي المنصات العامة لتكنولوجيا سلسلة الكُتَل هو التحدي الثالث أمام تطبيقها على نطاق واسع.
ولبناء هذه الثقة، يفضل استخدام المنصات الخاصة الموثوقة مثل منصة TradeLens وهي منصة لوجستية عالمية أنشأتها كل من IBM و Maersk باستخدام IBM Blockchain Platform وهي منصة يطلق على أعضائها اسم Trust Anchor وهم معروفون للمنصة استناداً إلى هويات التشفير، مما يتيح لهذه المنصة توفير الوثوقية والثبات والخصوصية والأمن، وإمكانية تتبع مستندات الشحن، على عكس سلسلة الكُتَل العامة المجهولة الهوية، التي لا توفر هذا المستوى من الوثوقية والأمان. وقد بلغت نسبة هذا التحدي في هذه الدراسة 38%.
- نقص الموارد المالية
تكنولوجيا سلسلة الكُتَل ليست مجانية، وتطبيقها يحتاج إلى الاستثمار فيها، وهنا تكمن ضرورة نشر الوعي بأهمية مثل هذه التكنولوجيا لتخصيص ما تتطلبه من موارد مالية. وقد بلغت نسبة هذا التحدي 37%.
- عدم التكامل بين التطبيقات المختلفة لسلسلة الكُتَل
ويمثل هذا التحدي أقل نسبة في هذه الدراسة حيث بلغت 35%.
تطبيقات سلسلة الكُتَل
لتكنولوجيا سلسلة الكتل العديد من التطبيقات في مجال الأعمال، وهذه قائمة ببعض تلك التطبيقات:
- التكنولوجيا المالية
تعتبر سلسلة الكتل هي عمود التكنولوجيا المالية Fintech، وهي تلك التطبيقات الحاسوبية المستخدمة في أتمتة الخدمات المالية، ومنها على سليل المثال لا الحصر:
- المدفوعات المالية عبر تطبيقات الأجهزة الذكية كالجوالات، وغيرها.
- العملات الرقمية المشفرة وأشهرها البتكوين، المعتمدة على السِّجلات الموزعة التي يصعب تعديلها أو تزييفها أو حذفها.
العقود الذكية
تطبيقات العقود الذكية Smart Contract تعتبر من أشهر تطبيقات سلسلة الكُتَل، وتُستخدَم العقود الذكية بشكلٍ عام لأتمتة العمليات التجارية والمدفوعات والتحويلات المالية.
فعلى سبيل المثال يمكن دفع فواتير الخدمات بشكل آلي حينما يصل مبلغ الخدمة إلى حد معين، سواء كانت خدمات فواتير الكهرباء مثلاً، أو المياه، أو أي خدمات أخرى، ونفس الشيء يمكن أن يكون مع عمل التحويلات، أو تنفيذ المدفوعات.
وترسل هذه العمليات بشكل آمن إلى الشركة للتحقق من العملية بفضل تكنولوجيا سلسلة الكُتَل.
ولأن تطبيقات العقود الذكية، توفر الوقت والجهد والمال، فإن من المتوقع أن يزداد الطلب عليها عالمياً في الفترة القادمة.
وهناك تطبيقات أخرى مثل سلسلة الإمداد، والمجال الصحي، وغيرهما.
عوائد سلسلة الكُتَل
تشير التوقعات إلى أن عائدات تكنولوجيا سلسلة الكُتَل، ستشهد نمواً هائلاً في السنوات المقبلة، حيث من المتوقع أن يرتفع حجم السوق إلى أكثر من 39 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025. ويعتبر القطاع المالي واحداً من أسرع القطاعات للاستثمار في سلسلة الكتل، حيث يمثل قطاع الخدمات المالية أكثر من 60٪ من القيمة السوقية للتكنولوجيا في هذا المجال، وذلك وفقاً لتقرير نشره موقع www.statista.com في يونيو 2020
تأثيرات سلسلة الكُتَل
إن تكنولوجيا سلسلة الكتل كأداة من أدوات التحول الرقمي، سيكون لها تأثيرها الكبير في تغيير نمط تعاملاتنا سواء المالية أو غيرها في حياتنا الواقعية، فعلى سبيل المثال، ستمكننا هذه التكنولوجيا من نقل الأموال الرقمية ندًّا لند من دون اللجوء إلى البنوك. وتقلل هذه التقنية من الحاجة إلى وسيط في كثير من القطاعات التقليدية، مثل البنوك، والتأمين، والوسائل الترفيهية والحكومية وغيرها.
الخلاصة
إن تكنولوجيا سلسلة الكتل، تعد تقنية مهمة من تقنيات التحول الرقمي التي ينبغي الاستثمار فيها، والتطبيق لها، والاهتمام بها، وعلى المدى المتوسط والبعيد، يمكن تلخيص توجهات هذا النوع من التكنولوجيا في المجالات السبعة التالية:
- شفافية سلسلة الإمداد: وذلك من خلال تكامل المعلومات، والتشغيل المتداخل بين أطراف سلسلة الإمداد من مزودين ومستوردين.
- الرمز المميز:إن التمثيل الرقمي للسلع والخدمات والمعاملات الذي توفره تكنولوجيا سلسلة الكتل من خلال الرمز المميز tokenizing سيعزز السيولة، ويوسع التجارة الإلكترونية في هذا العصر الرقمي.
- التحول المالي: بفضل هذه التكنولوجيا، سيكون هناك تحول رقمي في الخدمات المالية، حيث ستتمكن البنوك والمؤسسات المالية من تقديم خدماتها بصورة أكثر فعالية، وأعلى أماناً وموثوقية
- سيادة العملات الرقمية: سيسود هذا النوع من العملات، وستتنافس البنوك للتعامل معها، واعتمادها من البنوك المركزية، وتلك بعض بركات تكنولوجيا سلسلة الكتل
- الإدارة اللامركزية للهوية: نظراً لأن تكنولوجيا سلسلة الكُتَل تعتمد على السجلات اللامركزية، فإن الرمز المميز tokenizing لهوية الأشخاص سيعطيهم الشعور بالثقة والأمن والخصوصية
- الدمج مع الذكاء الاصطناعي: دمج قدرات الذكاء الاصطناعي ضمن تكنولوجيا سلسلة الكتل، سيعزز من إمكاناتها، وخصوصاً في مجال التحليل للتنبؤ بالمستقبل
- الربط مع أنظمة تخطيط موارد المؤسسات: إن ربط أنظمة ERP مع تكنولوجيا سلسلة الكتل، سيعزز الكفاءة في العمليات التشغيلية داخلياً مع الموظفين، وخارجياً مع الموردين والمستهلكين.
لا تعليقات