التحول الرقمي في مجال التعليم، وقبل الغوص في أعماق هذا المقال، دعوني أخبركم، أن منظمة اليونسكو للتربية والعلم والثقافة أصدرت تقريراً عام 2020 بعنوان “تعميم الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة – التعليم حتى عام 2030. وقد تم اختصار هذا التقرير في ملخص بعنوان”التعليم عن بُعد: مفهومه، أدواته، واستراتيجياته“، وهو دليل لصانعي السياسات في التعليم الأكاديمي والمهني والتقني، وسيتم الإشارة إلى رابط هذا التقرير في نهاية هذا المقال، وهذا التقرير يعتبراً مرجعاً أساسياً لهذا المقال.
ولنستفتح المقال بذكر 7 محاور للتحول الرقمي في مجال التعليم وهي:
- التعريفات.
- الاستثمارات.
- التطورات.
- الميزات.
- المحفزات.
- التحديات.
- الأدوات.
ولنَمضِ معاً في رحلة التحول الرقمي في مجال التعليم، مُعرِّجين على المحطات أعلاه، والمفصلة أدناه.
التعريفات
التحول الرقمي في مجال التعليم “التعليم عن بُعد”، ويسمى أيضاً التعلم الإلكتروني. وضعت منظمة اليونسكو، تعريفاً للتعليم عن بعد، وقد أعدتُ صياغته ليكون مختصراً وواضحا. التحول الرقمي في مجال التعليم هو:
عملية نقل المعرفة والمهارات إلى المتعلم باستخدام وسائل التكنولوجيا التعليمية عبر العالَم الافتراضي. وبتعبير آخر هو تفاعل افتراضي بين الركنَين الأساسيين للعملية التعليمية وهما المُعلِّم والمتعلم من خلال وسائل التكنولوجيا المخصصة لتقديم الخدمة التعليمية.
الاستثمارات
بلغ حجم السوق للتعليم الإلكتروني على مستوى العالم حوالي 17 مليار دولار عام 2019، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم ليصل إلى حوالي 37 مليار دولار عام 2026، وفقاً لتقرير نشره موقع www.statista.com في أبريل 2021
التطورات
وفقاً لتقرير منظمة اليونسكو، فإن التعليم عن بُعد قد مرَّ بعدة مراحل، حيث بدأ قبل حوالي 200 عام، وتحديداً عام 1729م حينها كان المُعلِّم الكاتب كالْب فيليبس يقدم دروساً أسبوعية، وينشرها عبر صحيفة بوسطن جازيت.
كما تم استخدام الراديو لهذا الغرض عام 1922م فقد كانت جامعة بنسلفانيا تقدم عدداً من مناهجها الدراسية عبر الراديو ثم التلفزيون، وفي عام 1968م قدمت جامعة ستانفورد مقرراتها الدراسية لطلاب كلية الهندسة عبر قناة تلفزيونية.
أما في عام 1982م فقد تم استخدام الكمبيوتر لأول مرة في مجال التعليم، وفي عام 1992م مع ظهور الانترنت، انتشرت أنظمة التعلم الإلكتروني LMS
وفي عام 2002 أطلق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا مبادرة المقررات المفتوحة التي احتوت على 2000 منهج تعليمي، واستفاد من هذه المبادرة 65 مليون متعلم من 215 دولة.
وفي عام 2008 تم أطلاق المنصة التعليمية “أكاديمية خان” التي يستفيد منها 71 مليون متعلم.
الميزات
من أبرز المزايا التي يوفرها التعليم عن بعد ما يلي:
- فرص التعلم: فتحَ التعلم عن بعد أبواب الفرص لجميع الراغبين في التعلم.
- المهارات الرقمية: تعزيز المهارات الرقمية المطلوبة في العصر الرقمي.
- المرونة: إتاحة التعلم بما يتلاءم مع ظروف وأحوال المتعلم (التعلم في أي مكان في أي زمان بأي جهاز).
- التفاعل: أثبتت البحوث أن التعليم عن بعد، تأثيره يعادل أو يتفوق على التعليم التقليدي، وخاصة حينما يتم استخدم أدوات تكنولوجيا التعليم بكفاءة.
- الابتكار: التعليم عن بعد يقدم المناهج التعليمية بطرق ابتكارية.
- الاستقلالية: يَعرِض التعليم عن بعد موضوعات المنهج الدراسي وأساليب التقويم بما يتلاءم مع قدرات المتعلمين.
- التكلفة الرخيصة: يتميز التعليم عن بعد بأنه ذو تكاليف أرخص، وجهد أقل من التعليم التقليدي.
المحفزات
مما يحفز على تبني التحول الرقمي في مجال التعليم، هو التغير في نمط التعليم لدى المتعلمين، ومن مظاهر ذلك ما يلي:
- يفضلون الحصول على المعلومات بسرعة باستخدام التكنولوجيا.
- يفضلون التعلم الذاتي علي التعلم التلقيني.
- يمارسون مهام متعددة في وقت واحد.
- يفضلون الرسومات والفيديو على النصوص.
- يتعلمون بشكل أسرع من خلال الإنترنت.
- يفضلون التعليم بالترفيه من خلال الألعاب الإلكترونية.
- لا يعتمدون على الذاكرة، ولذلك يكرهون الحفظ، فالمعلومة يحصلون عليها بنقرة زر.
التحديات
من أهم التحديات التي تقف كعقبات أمام التحول الرقمي في مجال التعليم، ما يلي:
- عدم الاستعداد الفعلي والتهيؤ العملي للمُعلِّمين لهذه المرحلة المفاجئة، والطلب الكبير على التعلم عن بعد، لا من حيث إدارته، ولا صناعة محتواه.
- عدم استعداد المتعلمين للتعليم عن بعد، فقد رفضه بعضهم.
- قصور البنية التحتية، وضعف شبكات الاتصال التي تعد ضرورية لهذا النوع من التعليم.
- شُح الموارد الرقمية، ونقص التطبيقات التعليمية.
- الإمكانات المحدودة لذوي الدخل الضعيف غير القادرين على توفير الأجهزة والمتطلبات للتعليم عن بعد.
- عدم قدرة المتعلمين في المجال المهني والتقني على التطبيق العملي في الفصول الافتراضية، وإن كان حالياً قد بدأ استخدام الواقع الافتراضي والمعزز لحل هذه المشكلة، مع أنه مكلف في الوقت الحاضر.
- ضعف آليات التقييم وضمان نزاهتها من طرف المتعلم.
الأدوات
للتحول الرقمي في مجال التعليم أدوات وتقنيات عديدة، وهذه قائمة بأهم هذه الأدوات:
وسائل التواصل الاجتماعي
من خلال هذه الأداة، يتم تقديم التعليم عن بعد سواء كان متزامناً أو غير متزامن، من خلال الدردشات وتبادل الملفات التعليمية، والمقصود بالتزامن هو وجود الركنَين الأساسيين للعملية التعليمية وهما المعلم والمتعلم بحيث يكونان متواجدَين في نفس الوقت أثناء العملية التعليمية على هذه وسيلة التواصل الاجتماعي.
أنظمة التعلم الإلكتروني LMS
وهي أنظمة متكاملة تُقدِّم خدمة التعليم عن بعد مع توثيق وإعداد التقارير، وتحتوي على فصول افتراضية، وإمكانية المشاركة في الملفات التعليمية، وغُرفاً للدردشة، ورفع الواجبات، وإجراء التقييمات، وعمل التصحيح آليا. وهذه قائمة بأهم مواقع منصات LMS:
- edu.goole.com
- Edmodo.com
التطبيقات التعليمية على الهواتف الذكية
ومن هذه التطبيقات ما يلي:
- EdPuzzle
- Phet Simulation
- Padlet
منصات التعلم الإلكتروني
ومن أبرز هذا النوع من المنصات ما يلي:
- Coursera
يستفيد منها 45 مليون متعلم
تحتوي على 3800 مقرر تعليمي
- edX
يستفيد منها 24 مليون متعلم
تحتوي على 2640 مقرر تعليمي
- Udacity
يستفيد منها 11.5 مليون متعلم
تحتوي على 200 مقرر تعليمي
- FutureLearn
يستفيد منها 10 مليون متعلم
تحتوي على 880 مقرر تعليمي
- Swayam
يستفيد منها 10 مليون متعلم
تحتوي على 1000 مقرر تعليمي
الخلاصة
إن التحول الرقمي في مجال التعليم صار ضرورة ولم يعد خيارا، سواء للمدارس أو الجامعات أو الشركات، أو الحكومات، خصوصاً بعد جائحة كورونا التي أغلقت أبواب كل شيء في ذروة حدوثها، ومنها التعليم، ولم يخفف من مخاطر توقف العملية التعليمية إلا التوجه نحو التعليم عن بعد، ولتحسين جودة التعليم عن بعد، وضع تقرير اليونسكو 7 توصيات. وهذا سرد لهذه التوصيات:
- تنفيذ وتطبيق التعليم عن بعد لضمان حصول جميع المتعلمين على فرص عادلة في التعليم.
- الانتقال نحو التحول الرقمي في مجال التعليم من خلال رقمنة هذه الخدمة على مستوى الدول والوزارات والمنظمات والشركات.
- الاهتمام بتحليل البيانات الضخمة في مجال التعليم لصناعة القرارت الهادفة إلى تحسين عملية التعليم عن بعد.
- تدريب وتأهيل الكوادر البشرية في مجال التعليم من إداريين ومعلمين ومتعلمين على أدوات التكنولوجيا التعليمية.
- الدمج بين الوسائل التعليمية المختلفة كالتلفزيون، والهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر.
- تعزيز الموارد الرقمية للتحول الرقمي في مجال التعليم من خلال الاستثمار في تصميم وإطلاق برامج المحاكاة التعليمية، والذكاء الاصطناعي، وتقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز.
- سَنُّ التشريعات والسياسات المنظِمة للتعليم عن بعد.
المراجع:
1- التعليم عن بُعد: مفهومه، أدواته، واستراتيجياته. تقرير منظمة اليونيسكو.