تحليل البيانات ، هي تلك الأنظمة الحاسوبية التي تقوم بتحويل البيانات إلى معرفة ومنها إلى بصيرة، مما يساعد صناع القرار على صناعة قرارات رشيدة وسديدة. هذا التعريف صغتُه بأسلوبي كتعريف مبسط بلغة الأعمال وليس بلغة التكنولوجيا. وحديثي في هذه السلسلة من المقالات، سينظر إلى التحول الرقمي من زاوية الأعمال، وليس من زاوية التكنولوجيا.
لقد مرّت أنظمة تحليل البيانات بثلاث مراحل أساسية أثناء رحلة تطويرها، وهذه المراحل هي:
مرحلة “ماذا حدث”
وهي المرحلة التي كانت فيها أنظمة تحليل البيانات قادرة فقط على تحليل البيانات التاريخية، وهي البيانات التي تم تخزينها في قواعد البيانات لفترات زمنية ماضية.
مرحلة “ماذا يحدث”:
وهي الفترة التي تطورت فيها أنظمة تحليل البيانات، لتكون قادرة على عمل التحليل الآني للبيانات، أو ما يسمى تحليل البيانات في الوقت الحقيقي
مرحلة” ماذا سيحدث”:
وهي أنظمة تحليل البيانات المتقدمة القادرة على التنبؤ بالمستقبل، وإرشاد صناع القرارات للسيناريوها المتوقعة، بل وتستطيع هذه الأنظمة المتقدمة أن تصنع القرارات نيابة عن الانسان.
الاستثمار في تحليل البيانات
أشار تقرير حديث من www.statista.com نشر في ديسمبر 2020 إلى أن الاستثمار العالمي في أنظمة تحليل البيانات المتقدمة، سيزداد خلال السنوات القادمة، فقد بلغ 14.9 مليار دولار في عام 2019، ومن المتوقع أن يصل إلى 17.6 مليار دولار في عام 2024, وأن القطاع البنكي سيستأثر بالنسبة الأعلى من هذا الاستثمار.
فرص تحليل البيانات
لعل أهم الفرص التي توفرها أنظمة تحليل البيانات للمنظمات والحكومات، هو التحول في عمليات ونماذج الأعمال، مما يتيح لها الاستجابة للاضطراب في المستقبل الناشئ من التحول الرقمي.
تحديات تحليل البيانات
أشار تقرير لشركة جارتنر أن هناك تحدِّيَين كبيريَن يواجهان تحليل البيانات في عام 2021:
- عدم تضمين تحليل البيانات في نتائج الأعمال
وللتغلب على هذا التحدي، لابد من تحويل التركيز على التكنولوجيا، إلى التركيز على البيانات، لتكون المنظمة قائمة على المعلومات، وأن يتم الانتقال من المعلومات المتناثرة إلى استراتيجية الأعمال القائمة على تحليل البيانات
- عدم إدراك أهمية تحليل المعلومات
في كثير من الشركات، ما زال يُنظر إلى تحليل البيانات، أنها خدمة ضمن إدارة تكنولوجيا المعلومات، لعمل التقارير حسب الطلب، وللتغلب على هذا التحدي، يجب إدراك أن البيانات هي الكنز الثمين، والأصل النفيس للمنظمة، ولذا لابد أن يكون تحليل البيانات في قلب استراتيجية الأعمال، وتتلقى الدعم المطلوب، والإسناد المرغوب من الإدارة العليا.
تطبيقات تحليل البيانات
يوجد العديد من أنظمة تحليل البيانات التي تتفاوت في قدراتها وإمكاناتها، وفي أحدث تقرير لشركة جارتنر، أصدرته في فبراير 2021، احتوى هذا التقرير على أفضل 20 نظاماً لتحليل البيانات، وقد أوضح التقرير أن هناك ثلاثة أنظمة هي القائدة لهذا النوع من النُظُم، و يتربع على عرش هذه الأنظمة نظام Power BI من شركة ميكروسوفت، يليه نظام Tableau، ثم نظام Qlik
إن نظام Power BI متوفر في الموقع الإلكتروني www.powerbi.com وفي هذا الموقع، يمكنك أن تنشئ حساباً مجانيا، لتجد نظاما آليا، تتدرب عليه ذاتيا، لتحليل البيانات آنيا.
ولا يشترط أن تكون لديك خلفية برمجية لاستخدام هذا النظام، لأنه لا يحتاج إلى برمجة، فهو يستخدم تقنية الإدراج والإسقاط.
إنني أوصي بشدة من لديهم الاهتمام بتحليل البيانات أن يستفيدوا من هذه الخدمة المجانية لتطوير مهاراتهم في مجال تحليل البيانات، علماً بأن وظيفة محلل البيانات تعتبر ذات احتياج عالي في هذا العصر الرقمي.
عوائد تحليل البيانات
لأنظمة تحليل البيانات عوائد هائلة، وهي عوائد تزداد سنوياً، ويشير تقرير نشر في ابريل 2021 عبر موقع www.statista.com موضحاً العوائد لتحليل البيانات خلال الفترة من 2015 – 2022 حيث بلغت العوائد 122 مليار دولار في عام 2015، ومن المتوقع أن تقفز إلى حدود 274 مليار دولار عام 2022
تأثير تحليل البيانات
من الواضح وضوح الشمس في رابعة النهار، أن أنظمة تحليل البيانات، لها دورها المحسوس، وأثرها الملموس، في جودة القرارات، وخصوصاً الاستراتيجية منها، سواء على مستوى الشركات أو الحكومات. ولذلك فإن تقرير جارتنر السابق يشير إلى أن هناك توجهَين اثنين لتحليل البيانات خلال الفترة القادمة بدءاً من هذا العام 2021, وهذان التوجهان هما:
- تضمين تحليل البيانات في استراتيجية الأعمال
يجب التركيز على دور تحليل البيانات، وإعطائه الأولوية، والفصل بينه وبين تكنولوجيا المعلومات، إذ إن تكنولوجيا المعلومات مسؤولة عن الأصول التكنولوجية، في حين أن تحليل البيانات مسؤولة عن الأصول المعلوماتية، وهي التي ترشد صناع القرار في المنظمات أو الحكومات من خلال البصيرة التي توفرها لهم أنظمة تحليل البيانات
التوعية بأهمية تحليل البيانات
إن تحويل المنظمة إلى منظمة تُقاد بالبيانات، هو تحول كبير، ويتطلب الحكمة في إدارة التغيير، من خلال جلسات التوعية، وحلقات النقاش، ودورات التدريب، التي ستقلل من مقاومة التغيير، وستساعد في تحقيق أهداف ومخرجات تحليل البيانات.
الخلاصة
أن تحليل البيانات باعتبارها أداة من أدوات التحول الرقمي، أصبحت ضرورة وليس خيارا، والحاجة إليها ماسة، خصوصاً مع هذا السيل الجارف من البيانات، فبحسب تقرير نشره موقع www.statista.com في يونيو 2021، أوضح أنه من المتوقع أن يصل حجم البيانات في عام 2025 إلى حدود 180 زيتا بايت Zeta Byte، وهو حجم رهيب، ويترجَم زيتا بايت رياضياً بأنه رقم 8 أمامه 21 صفر، أما ترجمته إلى مثال محسوس، فهو رصُّ عدد من أقراص DVD مع بعضها البعض لتصل بين موقعين البعد بينهما 385 ألف كيلومتر، وهي المسافة بين الأرض والقمر!
ألم أقل لكم إنه حجم مذهل؟!
وبطبيعة الحال، فقد ساعدت جائحة كورونا في زيادة حجم هذه البيانات بهذا الشكل المرعب.
لذا لابد من الاستفادة من أدوات تحليل هذه البيانات الضخمة، إذ بدونها سيكون الموضوع مستحيلا.
لا تعليقات