سرطان النخاع لا يرحم
بل كل أنواع السرطانات لا ترحم!
لكن هذه المرة قنص السرطان صيدا ثمينا
إنه زويل !
أحمد حسن زويل ابن دمنهور الذي ولد عام 1946م
طالب الكيمياء في محرم بك- الاسكندرية
من كانت أمه تكتب على باب غرفته (دكتور زويل)
ليصبح بعد ذلك بسنوات الدكتور زويل فعلا.

رحلة البحث عن الذهب
بنسلفانيا محطته الثانية
ذهب يبحث عن الذهب
وأي ذهب كان ؟
إنه حجر الخيمياء القديمة التي بدأت على تراب بلده مصر
البحث عن الزمن الحقيقي للتفاعلات الكيميائية
( حلم الكيميائيين منذ معادلة أرهنيوس Arrhenius بداية القرن العشرين)
بدأ زويل يراوغ الزمن للوصول إلى زمن الفيمتو ثانية Femtosecond
( واحد على مليون من بليون من الثانية)
بكلماته :
” الفيمتو ثانية إلى الثانية كالثانية إلى 32 مليون سنة” !
زمان ضئيل للغاية
استطاع زويل أن يغوص إلى ذلك الزمن
ليصبح كريستوف كولومبوس الزمن !
وكانت التجربة التي بهرت العالم في عام 1987م
وهي تصوير ترابط الذرات في لحظاتها الحقيقية
او بالأصح تصوير المرحلة الانتقالية transition state ؛ وهو تعبير مجازي لنوع من المركبات الوسيطة التي تتشكل كخطوة وسطى بين المواد الاصلية الداخلة في التفاعل والنواتج النهائية؛ وفي هذه المرحلة تنكسر الروابط الكيميائية لتكوين روابط جديدة ويعبر الجزيء الحالة الانتقالية بنفس سرعة حركة الذرات في الجزيء وهي سرعة عالية تصل إلى ألف متر في الثانية والزمن اللازم لحركة الذرات في الجزيء ضئيل جدا يقدّر بعشرة فيمتو ثانية.
واحتاجت جامعة كالتك في باسادينا – كاليفورنيا إلى سنة لتراجع التجربة
لكن ملك الفيمتو لاند – كما كان يسمى – عبر كل الاختبارات
ليقتنص جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999م
فكانت احتفالات أكتوبر 1999م نوعا مميزا
جاء في تقرير جائزة نوبل ما يلي:” استخدمت تقنية ( زويل ) فيما يمكن وصفه بأسرع كاميرا في العالم والذي استخدمت فيها ومضات ليزر فائقة القصر إلى الحد الذي توصلنا فيه إلى المقياس الزمني الذي تقع فيه التفاعلات الكيميائية بالفعل .. والآن فإنه يمكننا أن نرى تحركات الذرة المفردة كما نتخيلها وبالتالي لم تعد هذه الذرات أشياء غير مرئية “.

فهل دخل العرب يدخلون مضمار نوبل في العلوم؟
الواقع لا!
لم يكن إلا أحمد زويل العربي الوحيد الذي حاز على الجائزة في العلوم الطبيعية
ليصبح زويل وجه العرب الباقي في هذا الزمن!
هذا التفرد عبر عنه زويل بحسرة بقوله – في إحدى المقابلات معه – ” لكي أكون صادقًا، فأنا حزين جدًا لأني الشخص الوحيد العائش الذي حصل على الجائزة ،ليس في الوطن العربي فقط ، بل في العالم الإسلامي قاطبة من بين أكثر من مليار شخص، وذلك ليس له معنى عندما تعرف ما قد حققه العرب والمسلمون منذ آلاف السنين- تشعر بالحزن حيال ذلك. لقد قلت دائماً أنه إذا لو منحت جائزة نوبل عندما كان “مكتبة الإسكندرية” في أوج ازدهارها قبل ألفي سنة، فربما مصر كانت قد حصدت معظم الجوائز.
أعتقد يمكننا تصحيح هذا الوضع بزيادة الاستثمار في التعليم والعلوم، وهذا ما ينبغي أن نقوم به في جزئنا هذا من العالم، وهذا ما أحاول جاهدًا الدفع به في العالم العربي والإسلامي”.

بعد الفيمتو
ومرت السنوات وعلم كيمياء الفيمتو Femtochemistry يقف على قدميه وتبدأ تفرعاته مع علوم أخرى
لكن هل اكتفى زويل؟
بالطبع لا
وهو الذي كان يردد مقولة عميد الأدب العربي د طه حسين ” ويل لطالب العلم إن رضي عن نفسه”.
2005م كنا على موعد مع الميكروسكوب الرباعي ( بإضافة بعد الزمن) الذي قدمه زويل معتمدا على تكنولوجيا الفيمتو؛ اطلق على هذا الميكروسكوب اسم ميكروسكوب الكترونِي فائق السرعة Ultrafast Electron Microscope يختصر بـ (UEM) .
تقول مجلة ساينس ” لقد نجح د/ زويل ومن معه في ادخال البعد الرابع – الزمن- في صورة ميكروسكوبية عالية الجودة حيث يجري تتبع كل الكترون على حده وبدقة كاملة في الزمان والمكان”.
فالزمن أساسي في هذا الميكروسكوب الذي يُمْكنه أَن يَتعقّبَ التغييرات الهيكلية ثلاثية الأبعادَ بالمقياس الذرّي.

اليوم وقد رحل زويل عنا، هل استراح الرّحالة من سباقه عبر الزمن – كما عنون سيرته الذاتية ؟
لا لم يرتحْ
لأنه على سباق مع الخلود !
فالسلام عليك يا زويل
والرحمة والخلود لروح المفعمة بالبحث العلمي
وإنا لفراقك يا دكتور لمحزونون.

مقال صوتي بمناسبة  رحيل العالم المصري أحمد زويل

هل يعجبك مقالات عبدالحفيظ العمري؟ تابعنا على وسائل التواصل الاجتماعي!
لا تعليقات
تعليقات على: ورحل زويل

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    إرفاق الصور - يتم دعم PNG، JPG، JPEG وGIF فقط.