نحتاج أن نتحدث ونفكر أكثر في موضوع الذكاء الاصطناعي. فعلى الرغم مما يُكتب عنه، أعتقد أننا لا نتحدث عنه بشكل كافٍ.

خلال الشهر الماضي، استمعت إلى كتاب “كلمات جديدة شجاعة” (Brave New Words) لسلمان خان. خان هو أحد أعمدة التعلم عبر الإنترنت، وهو مؤسس موقع خان أكاديمي، أحد أهم مواقع التعليم المجانية على الإنترنت التي تغطي جميع المراحل الأساسية للتعليم وما بعدها. إذا كان أطفالك لا يعرفونه، فمن المهم أن تطلعهم عليه. يدرس عبر موقعه أكثر من 150 مليون شخص، كما أن اجتياز بعض المواد عبر الموقع يؤهلك حتى للالتحاق ببعض الجامعات في أمريكا دون الحاجة إلى شهادة الثانوية العامة.

في الكتاب، يتحدث خان عن كيف أن التقدم في الذكاء الاصطناعي يُعتبر فرصة حقيقية لتغيير الوصول إلى تعليم عالي الجودة، ومخصص لكل متعلم على حدة في جميع أنحاء العالم، حتى في المناطق النائية. يصبح من الممكن أن يحصل كل طالب على المدرس الخاص والمثالي له في جميع الأوقات وفي جميع المواد. هذا المساعد يمكنه أن يفهم احتياجات الطالب التعليمية ومستواه واهتماماته، ويعدل طريقة طرحه وفقًا لقدرات واحتياجات الطالب. كما يمكنه أيضًا أن يشارك الأهل والمعلمين في المدرسة بتقارير تشرح مستوى الطالب وكيف يمكن دعمه من قبلهم.

يحثنا خان في الكتاب على تخيل كيف يمكن لهذا المدرس الخاص أن يحل تحدي الوصول إلى التعليم الجيد في أصعب الأماكن وصولًا. إنه تعليم على مستوى عالمي، بكفاءة عالية، ومتوفر للجميع. نحن لن نحتاج إلى جيش ضخم من المعلمين المؤهلين في كل مكان؛ كل ما نحتاجه هو الوصول إلى هذا النوع من الذكاء الاصطناعي.

هذا الهدف أصبح الآن في إطار الممكن، وليس مجرد حلم! على سبيل المثال، بالتعاون مع OpenAI، أطلق خان خدمة “خان أميجو” المبنية على ChatGPT لتطوير وتقديم هذه الخدمة، وهو يجرب من خلالها كيفية التعامل مع الطلاب بأفضل شكل ممكن، وكذلك التعاون مع المدارس لإعداد الجيل القادم الذي يستطيع أن يستفيد من الذكاء الاصطناعي ويتعامل مع تحدياته.

بكل تأكيد، اختلف الآن واقع التعلم عما كان عليه في السابق، وكما ستختلف بكل تأكيد احتياجات سوق العمل في الفترات القادمة، على المدى القريب والبعيد.

وكما أصبح استخدام الآلة الحاسبة وبرامج التحرير والإكسل والبحث جزءًا رئيسيًا في حياتنا العملية، فإن الذكاء الاصطناعي سيصبح كذلك في فترة قصيرة جدًا. الذكاء الاصطناعي مستمر في التطور، ويجب أن نستعد للقفزات الجديدة في طبيعة تعاملنا معه والخدمات التي يقدمها. إن التهرب من هذه الحقيقة أو رفض التعامل معها هو مجرد دفن للرأس في الرمال.

وعليه، يجب أن نفكر بشكل جدي في كيفية تحديث طرق تعليم أبنائنا على المستوى الشخصي إذا كان النظام التعليمي من حولهم غير جاهز أو مؤهل لذلك. علينا التفكير في كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة تساعدهم على تطوير فهم أعمق لواقعهم واهتماماتهم.

في حين أن رد فعل الكثير من المدارس والجامعات كان في البداية منع استخدام الذكاء الاصطناعي، يبدو الآن أن الإدراك يتزايد بأنه لا مجال لتجاهله، وأن الأفضل هو استخدامه بفعالية. في المستقبل القريب، سيكون على الجميع التقدم للوظائف عبر منصات ذكاء اصطناعي يمكنها تحديد قدراتهم على إنجاز مهام محددة. كما سترتفع التوقعات من الجميع في مستوى جودة الأعمال المقدمة، وسيؤدي عدم استخدام هذه الأدوات إلى نتائج ضعيفة ومؤشر على الكسل وقلة الخبرة.

نحن بحاجة إلى حشد قدراتنا للاستفادة من هذه الثورة الجديدة، التي ستستمر في تغيير واقعنا من الآن فصاعدًا. نحتاج أن نذهب أبعد من مجرد استخدامها بفعالية، بل نعمل أيضًا على تطويرها وتطوير كيفية تعاملها مع لغتنا والمحتوى المعرفي والثقافي الخاص بمجتمعاتنا. نحن نعيش واقعًا صعبًا في هذه المنطقة من العالم، ولكننا أيضًا نعيش في أوقات مليئة بالحماس للمستقبل. وكما كان هناك جيل استطاع الاستفادة من الإنترنت في الماضي لخلق شركات إقليمية ناجحة ومؤثرة، نحن الآن أمام نفس الفرص (أو أكثر) للإبداع والابتكار والإفادة.

أرجو أن تشاركوني تجاربكم الخاصة حتى الآن في التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي وكيف أثرت فيكم ؟

هل يعجبك مقالات Adeeb Qasem؟ تابعنا على وسائل التواصل الاجتماعي!
لا تعليقات
تعليقات على: الذكاء الاصطناعي: فرصة لتغيير التعليم وبناء المستقبل

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    إرفاق الصور - يتم دعم PNG، JPG، JPEG وGIF فقط.